محمد المعـيبد – إستشاري وخبير في مجالات القيادة وسلاسل الامداد والاستدامة
رحلة شركة كولجيت بالموليف في التحول الى سلاسل امداد مستدامة
في عالمٍ يشهد ازديادًا في الوعي البيئي، تُصبح الاستدامة عنصرًا أساسيًا لنجاح الشركات. تُقدم شركة كولجيت بالموليف مثالًا مُلهمًا على كيفية تحويل سلاسل التوريد إلى نماذج مُستدامة تُساهم في حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.
بدأت كولجيت بالموليف رحلتها في عام 1806 كصيدلية صغيرة في نيويورك على يد ويليام كولجيت، وسرعان ما اكتسبت الشركة شهرة واسعة بفضل منتجاتها المبتكرة، مثل معجون الأسنان كولجيت، ولكن ما قد لا يعرفه الكثيرون هو رحلتها الملهمة في مجال سلاسل التوريد المستدامة.
لقد احتفظت شركة كولجيت لأكثر من 5 أعوام بمركز متقدم في المراكز الثلاث الأولى لقائمة جارتنر لأفضل 25 سلسلة إمداد وآخرها كان المركز الثالث في قائمة 2023 من خلال المبادرات العديدة التي قامت بها لتحسين سلاسل إمدادها، ودعونا نستكشف معاً أهم المبادرات التي قامت بها:-
1- نهج الأهمية (Materiality Approach):
بدأت الشركة من 2019 بتطوير إطار عمل يطلق عليه تقييم تأثير الاستدامة لدينا (our Sustainability Impact Assessment) أو يطلق عليه كذلك تحليل الأهمية النسبية (materiality analysis) لتحديد المشكلات البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) ذات التأثير الكبير على الشركة وأصحاب المصلحة، ثمّ معالجتها بشكل استراتيجي.
2- المسؤولية البيئية:
وذلك بالتركيز على تقليل انبعاثات الكربون، ويشمل ذلك مبادرات مثل تقليل استهلاك الطاقة في التصنيع والنقل، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة، والعمل بشكل مستمر على تقليل هدر التغليف.
التوريد الأخلاقي:
وذلك بإعطاء الأولوية لمصادر المواد من الموردين الذين يشاركون التزامهم بالممارسات الأخلاقية بحيث يضمنون توفر ظروف عمل عادلة وإدارة نفايات مسؤولة واستخراج موارد مستدامة في جميع أنحاء سلسلة التوريد.
الابتكار من أجل الكفاءة:
تستكشف كولجيت بالموليف وتتبنى بنشاط التقنيات المبتكرة، ويشمل ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي (AI) لإدارة اللوجستيات والمخزون بشكل مُحسّن، بالإضافة إلى تقنية blockchain لتعزيز الشفافية والمساءلة عبر شبكة سلسلة التوريد.
وحسب ما ذكرت جارتنر فإن الشركة قد أبرمت شراكة مع الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا) لاستكشاف المنتجات الاستهلاكية وحلول الرفاهية لرواد الفضاء من خلال اختبار منتجات كولجيت-بالموليف في محطة الفضاء الدولية كمسار محتمل للابتكارات الجديدة.
القضاء على النفايات البلاستيكية:
تسعى الشركة إلى الوصول إلى النفايات الصفرية والحصول على شهادة رسمية من مجلس المباني الخضراء الأمريكي (U.S. Green Building Council) وذلك من خلال تبني عدة مبادرات مثل أنها منذ 2017 استطاعت أن تحصل من المجلس على شهادة (TRUE Zero Waste) لعدد 15 من مواقع التصنيع الخاصة وكان عدد 10 منها حصل على التقدير البلاتيني وهو المستوى الأعلى لهذه الشهادة، كما أنها تقوم حالياً على تصميم تقنية لإنتاج أنابيب ضغط بلاستيكية لمعجون الأسنان الخاص بها بحيث يكون قابل لإعادة التدوير ومتوقع إتمام ذلك في عام 2025، وبذلك فهي تعالج المشكلة التي تعانيها الآن من ارتفاع تكاليف المواد الخام ومواد التعبئة والتغليف إضافة إلى نقص المواد المعاد تدويرها.
التوريد المسؤول وتطوير النظام الدائري:
تركز الشركة على التوريد بشكل مسؤول وتطوير النظام الدائري حيث يتم الأخذ بالاعتبار دورة حياة المواد والتغليف بأكملها وبذلك تحافظ على شراء ما تحتاجه وكذلك تتخلص من النفايات الخاصة بها بطريقة آمنة وتعزيز إمكانية إعادة استخدامها أو تدويرها مرة أخرى.
أخيراً فقد وضعت الشركة مستهدفات واضحة لها بحلول عام 2025 وهي:-
- تقليل استخدام البلاستيك الجديد بمقدار الثلث عن استهلاكها في عام 2019.
- استخدم ما لا يقل عن 25% من البلاستيك المعاد تدويره بعد الاستهلاك في عبواتهم.
- جعل جميع عبواتهم قابلة لإعادة التدوير، أو قابلة لإعادة الاستخدام، أو قابلة للتحويل إلى سماد.
- التخلص من التغليف غير الضروري والذي يسبب مشاكل.
ختاماً فإن معظم الشركات العالمية تحرص على مشاركة تجاربها وأفكارها من خلال تقاريرها السنوية للاستدامة ليستفيد الجميع منها، وبإذن الله نلتقي معكم في مقال جديد مع رحلة ملهمة جديدة نحو سلاسل امداد مستدامة لغد أفضل.
