29 مارس، 2025

تداعيات أزمة الطبليات الخشبية والحلول ،،

في عالم اللوجستيات ليس هناك مجال للنمطية ولا توجد ممارسات روتينية ثابتة بل إن الأحداث والمتغيرات هي التي تجعل هذا المجال ممتع ومشوق للغاية.

فالمتتبع للاوضاع يشاهد ويسمع أزمة نقص الحاويات العالمية والتي أثرت بشكل كبير في الاقتصاد العالمي وسببت فجوة وتوهين أكثر لكفاءة سلاسل الإمداد العالمية ولكن يتزامن معها أزمة هي الأخرى ليست بالبسيطة تتمثل في ضعف إمدادات المواد الخام لتصنيع المنصات الخشبية ( الطبليات pallet ) والتي تعتبر بغاية الأهمية في عمليات النقل والتصنيع والتخزين والمناولة ولا تكتمل الخدمة اللوجستية إلا بها وفي إحصائية في عام ٢٠١٧ كان إستيراد السعودية لهذه الخشبيات  قرابة ٤ مليارات ريال وهذا يدل على حجم الاحتياج ‏الكبير ، فلو نلاحظ تواجدها المنتشر في كل مكان ولكل الاحتياجات فتجدها بالسوبرماركت والمستشفيات وأعمال البناء والإنشاءات والمصانع والمستودعات ، حتى أنها أصبحت تستخدم اكسسوارات تجميلية للمنازل والمطاعم والمقاهي ‏ولها مقاسات متعددة فلكل إستخدام مقاس ولكل منتج قوة تحمّل وابعاد لهذه الطبليات وهي بحد ذاتها صناعة كبيرة ولها متطلبات هندسية وفنّية وهذا يجعل صناعتها تتطور مع التقدم التقني ‏ومن المعروف أن المواد الخام تُستخرج من أشجار نادرة في بعض الغابات المنتشرة في البرازيل وبعض الدول اللاتينية والأوروبية ، و إنتاجها وتصديرها يتطلب معايير للجودة ومتطلبات خاصة لإثبات ملائمتها للمواصفات العالمية  فبعضها لا يصلح لنقل الأطعمة والادوية فلذلك أوجدت المنظمات العالمية المتخصصة رموز وأكواد لكل نوع.

ولها سوق قوي جداً وهو أشبه بالبورصة فبعض الأحيان ترتفع أسعارها لدرجة كبيرة ثم تهبط بشكل مفاجىء ، ففي العام الماضي ٢٠٢٠ وصل سعر بعض أنواعها إلى ٤٠ ريال للحبة الواحدة ثم أرتفع إلى أكثر من ٧٠ ريال ارتفاع قرابة   ١٠٠ %والآن بدأ بالنزول التدريجي وهناك اسباب عديدة لهذه الانحرافات بالأسعار منها ؛

‏١-ضعف سلاسل الإمداد العالمية لصناعة الأخشاب.

٢- شبهة وجود أسواق سوداء .

‏٣- إضطرابات عمالية في بعض الدول المنتجة لصناعة الأخشاب.

‏٤- تداعيات جائحة كورونا .

‏٥- الشح في البدائل .

‏٦- الإعتماد على مصادر محدودة.

وفي منطقة جغرافية غنية برؤوس الأموال والكفاءات مثل ( الخليج العربي ) وتكتض بالمصانع والمنشآت التي تتطلب توفر هائل للطبليات لتوفير الاحتياجات وسد الفجوات نحتاج لوجود بدائل وإدخال أسواق جديدة ، فمثلاً ؛

‏١- إنشاء إستثمارات برؤوس أموال خليجية في إندونيسيا وماليزيا وسريلانكا لكثرة الغابات فيها

‏٢- توطيد الشراكات التعاونية بين الشركات الخليجية لاغلاق الاسواق السوداء في الاسواق العالمية.

٣- إنشاء مصانع متخصصة لإعادة تدوير المسترجعات الخشبية .

٤- إجراء تعديلات وإضافات في خصائص الطبليات الخشبية لتتناسب مع الصناعات الدوائية والغذائية لإن كثير من هذه القطاعات أوقفت التعامل مع الطبليات الخشبية بسبب مشاكل بالجودة وخشية حدوث مضاعفات عند الاستخدام البشري.

ويبدو أن الوضع قد يزداد صعوبة مع تداعيات اندلاع أزمة أخرى مع منظمات بيئية عالمية لوقف قطع الأشجار وعدم العبث بالطبيعة فلابد من التوجه لإيجاد بدائل أفضل.

و يرى الكثير من المتخصصين من خلال إستطلاعات للرأي أجريتها بحسابي بتويتر أن الطبليات البلاستيكية أفضل بكثير على المدى البعيد وسيجنبنا الكثير من المخاطر والأزمات خاصة – أن المواد الخام للبلاستيك – تُنتج من مصانعنا وهي من مادتي اللدائن والبوليمرات وأسعارها شبه ثابتة وقد يتم تصنيعها من ( المسترجعات )البلاستيكية كإعادة تدوير وهو تطبيق لقيم الإستدامة . وقد دعمت الشركة العملاقة أرامكو من خلال برنامج إكتفاء لدعم المحتوى المحلي عدد من الشركات المحلية لتصنيع المنصات البلاستيكية واستيرادها لمعاملها ومصانعها . وأيضاً قامت الشركة الوطنية للتصنيع ( تصنيع ) بإنشاء مصنع بمدينة حائل لتصنيع الطبليات البلاستيكية وتم إستعماله على نطاق واسع ولله الحمد . ولكن يبدو أن كثير من المستثمرين ورواد الأعمال يشعرون بنوع من التردد في خوض غِمار هذه الصناعة إن لم يكن هناك ضمانات أو رؤية واضحة لتوجه الشركات الكبرى بهذا الخصوص .

وخلاصة القول يحتاج أن نوفر البدائل لكل صناعة ولكل إحتياج ولكل مصدر وهذا أساس في نجاح سلاسل الامداد المتطورة التي تسعى لها الدول المتقدمة والمنظمات الحديثة.

الكاتب أ.نشمي الحربي

مدرب وخبير لوجستيات وسلاسل الامداد

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on linkedin
LinkedIn
Share on telegram
Telegram
Share on whatsapp
WhatsApp

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأقسام

الإشتراك في النشرة البريدية