
عُمان | يمثل القطاع اللوجستي أحد أكبر القطاعات التي تستدعي جهدًا أكبر وضرورة ملحّة لتخفيض الانبعاثات فيه، إذ تشكل اليوم انبعاثات قطاع الشحن والموانئ والمستودعات اللوجستية، حوالي 11% من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة. فعلى سبيل المثال يعد تحويل وسائل الشحن كالشاحنات والسفن والطائرات إلى مركبات تعمل بالكهرباء أكثر تعقيدًا وصعوبة بالمقارنة مع تحويل السيارات الخفيفة.

ومع ذلك فإن القطاع اللوجستي لا يقتصر على وسائل النقل الثقيل وحدها، بل يضمّ مجالات عدّة يمكن العمل فيها للحدّ من الانبعاثات، وهذا ما تركّز عليه مجموعة أسياد – المزودّ العالمي للخدمات اللوجستية المتكاملة في سلطنة عُمان – وتضعه في صلب التزاماتها المؤسسية. فلا تكتفي المجموعة بالسعي إلى خفض الانبعاثات في عملياتها التشغيلية فحسب، بل تبذل جهدها لتكون الجهة الرائدة لتعزيز الاستدامة في كامل القطاع اللوجستي.
الأولوية للاستدامة
يستعرض عصام الشيباني، نائب الرئيس لشؤون الاستدامة في مجموعة أسياد، نهج المجموعة في هذا المجال، ويقول: “نضع التزامنا بأطر البيئة والاستدامة والحوكمة على رأس أولوياتنا في مجموعة أسياد”، مؤكدًا على وجود مسار واضح لتحقيق أهداف الاستدامة في جميع جوانب أعمال أسياد، حيث يعتبر تقدم المجموعة مقرون بالتزامها بمعايير الاستدامة.

وقد بدأت أسياد خطواتها التنفيذية في هذا الجانب، فكانت من أول المستفيدين من حلول التمويل المستدام التي يتم من خلالها تخصيص موارد مالية لتحقيق أهداف تحسين الأداء البيئي للشركات. بالإضافة إلى ذلك، اعتمدت المجموعة استراتيجيات لترشيد كفاءة استخدام الطاقة، وباشرت تطبيقها في العديد من موانئها ومناطقها الحرة، إلى جانب الشروع في إنشاء محطة للطاقة الشمسية في الحوض الجاف الذي سيصبح وجهةً للسفن التي تعمل بالغاز الطبيعي المسال والتي تعتبر الأقل ضررًا بالبيئة مقارنةً بأنواع الوقود الأخرى.
وبفضل التزامها العالي بالاستدامة، دخلت أسياد عبر موانئها في برنامج حوافز المؤشر البيئي للسفن، مؤكّدةً على تطبيقها لمعايير بيئية تتخطى متطلبات المنظمة البحرية الدولية، وتحفيز السفن على الامتثال لمعايير الاستدامة.
ولعل أبرز ما يميّز جهود أسياد في مجال الاستدامة، تنوّع أعمالها التي تغطي مختلف جوانب القطاع اللوجستي، فيقول الشيباني: “تغطي أسياد بأصولها المتنوّعة قطاعات النقل البحري والموانئ والمناطق الحرة والنقل العام وخدمات التخزين والتوصيل للميل الأخير”. ويتيح النموذج اللوجستي المتكامل للمجموعة بناء الشراكات اللازمة لإزالة الكربون من القطاع.
التعاون والعمل المشترك
ويؤكد عصام الشيباني على أهمية التعاون “باعتباره مفتاح إزالة انبعاثات الكربون من العالم”، لذلك تستغل أسياد موقعها المميّز لبناء شبكة شراكات واسعة في هذا الجانب.
وهنا لا بد من الإشارة إلى المثال الأبرز، وهو دور مجموعة أسياد في دعم حكومة سلطنة عُمان لتحقيق أهدافها بتحويل السلطنة إلى مركز عالمي للهيدروجين بطاقة إنتاجية تبلغ مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، إذ يعدّ الهيدروجين الوقود الضروري الذي تسير به قافلة إزالة الكربون من قطاع النقل والصناعات الثقيلة، وتقليل الاعتماد على أنواع الوقود الأخرى ذات الأثر الكبير على البيئة.
من جهة أخرى، تنفّذ أسياد برامج عدّة في مختلف أصولها لإنشاء البنى الأساسية اللازمة لتأمين سلسلة الإمداد للهيدروجين، وتعمل بالتوازي مع ذلك على تحويل موانئها البحرية إلى مراكز عالمية للغاز.
إضافةً إلى ذلك، تسعى مجموعة أسياد إلى تحويل الهيدروجين إلى وقود أخضر لسفن النقل البحري، بالاعتماد على الأمونيا والميثانول. وانطلاقًا من توقعات الوكالة الدولية للطاقة بأن الأمونيا سيشكل نسبة 45% من إجمالي الوقود المستخدم في قطاع النقل البحري بحلول عام 2050، تعمل المجموعة باعتبارها أحد الممكنات الأساسية للتجارة الدولية نحو إنشاء ممرات خضراء للنقل البحري تكون متاحة فقط أمام السفن التي تستخدم وقودًا عديم الانبعاثات.
وتدرك أسياد أن القوة اللوجستية وحدها لا تضمن تحقيق هذه الأهداف الطموحة، لذلك تعتمد نهجًا قائمًا على دعم التقنيات المبتكرة، والشركات الناشئة، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي ستفتح مسارات جديدة لإزالة الكربون.
دعم الحلول المبتكرة
يتحدث نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الاستدامة في مجموعة أسياد عن هذا التحوّل في مجال الطاقة، قائلًا: “قد لا يكون التحول نحو الطاقة النظيفة أمرًا مربحًا تجاريًا لاسيما للشركات التي ستأخذ الخطوة الأولى، لذلك إذا أردنا حقًا إنجاح رحلة التحوّل في قطاع الطاقة، فعلى الشركات الكبرى – كمجموعتنا مثلًا – أن تتحكم في المخاطر التي تواجهها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومزوّدي الحلول التقنية، وهذا ما تقوم به أسياد”.
وفي هذا الإطار، دخلت أسياد في شراكة مع الشركة العُمانية الناشئة “وقود” لتحويل حافلات النقل العام في السلطنة إلى حافلات تعمل بالوقود الحيوي، كما بدأت مشروعًا مشتركًا مع مؤسسة محلية لتزويد سفن المجموعة بأجهزة استشعار لمراقبة انبعاثات الغازات الدفيئة. كما أشاد الشيباني بشراكة أسياد مع شركة “44.01” المرتبطة بشركة “وقود” لنشر أنظمة لاحتجاز الكربون وتخزينه.
ونالت شركة “44.01” في عام 2022 جائزة “إيرثشوت” عن تقنيتها المبتكرة لتحويل الكربون إلى مواد معدنية، وهي تقنية يشرحها المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة، طلال حسن، قائلاً: “بعد تحويل الكربون إلى مواد معدنية تصبح صخورًا وتبقى كذلك، ما يعني أنها لن تتحوّل إلى انبعاثات مجددًا، ولن تصل أبدًا إلى الغلاف الجوي”.
وترى أسياد أن هذه الشراكات ليست وسيلة لخفض الانبعاثات في العمليات التشغيلية فحسب، بل إنها شراكات استراتيجية ضرورية لتوسيع نطاق التغيير الذي تطمح إليه المجموعة. ويضيف طلال حسن: “إن دعم المؤسسات الكبرى مثل أسياد لمؤسسة ناشئة كمؤسستنا هو مبادرة في غاية الأهمية”.
وأمام التحديات الكثيرة في رحلة القطاع اللوجستي نحو صافي انبعاثات صفري، تدرك أسياد ضرورة الإسراع في ابتكار الحلول للدفع قدمًا بجهودها نحو إزالة الكربون من عملياتها التشغيلية. ومن خلال دعم المجموعة لتطوير الوقود الأخضر وإنشاء الممرات الخضراء، وتمكينها لشركات ناشئة كشركة “44.01”، تسهم أسياد في تعزيز الاستدامة في كامل القطاع اللوجستي وتصديرها من عُمان إلى العالم.
النافذة اللوجستية